عشتـــــــار

  الكثير منا يشعر برغبة السفر الى حقبات زمنية اخرى، قد يكون الفضول او الاعجاب في مرحلة معينة للتقرب من واقعها، لعلنا نُنحي افكارنا جانباً ونعود مكللين بخيبة. لكل زمن عيوبه على قدر مزاياه فمجال تفوقنا لا يكمن في وجودنا باطار زمني معين وانما بتقبل الاراء الرائجة فيه ووضع حدود خاصة ملائمة لافكارنا فرحلتنا تستمر رغم عتمة الزمن الذي نعيش فيه الان حيث غرابة الافكار وسيادة التفاهة على العقول . قيمتك في اي زمن تتلخص بدورك في الارتقاء بالافكار وان بدوت ككرة مليئة بالدبابيس توخز قيم الاخرين حيث جودة الحياة الفكرية المنخفضة، نحن من يصنع قدسيتنا ويرسم حدود الزمن لنتحرر من فكرة ان زمناً ما هو الاجمل   ولكنه صورة لما يدور فيه من احداث يحركها اشخاص يمثلون افكار وقيم.

  مازلنا نُخفق في معرفة بعض الأشخاص ومازالت حروف كلماتهم تخدعنا فحقائقهم تختبئ خلف ستار غامق يبدو لنا براق وساحر ولأن فخاخهم محكمة بخبث لا تتصوره طيبتنا فسنتوه بنفس الدوامة مجددا، ستخفي عنا الحياة الكثير من الأحاديث لأننا لم نستوعب دروسنا السابقة و ستنهال علينا الاختبارات. عندما نتخطى قبل أن نتساءل عن سبب مصادفتنا لهؤلاء وعندما نعبر الأزمات بلا وقفة سيبقى جزء من النص مفقود في حكاياتنا ولأننا طاقة النور التي تُبرز سطور الحكاية لابد أن يستوقفنا صدىً أثار ضجيجاً في أرواحنا، هم مجرد رسائل لنقلنا الى مستوى شجاعة إماطة اللثام عن وجوه تبدو بريئة للاستغناء عن أمثالهم مستقبلاً.

  من منا لا يود ان يتحكم في احداث حياته ، في الماضي والمستقبل، في زمان لم يود ان يكون جزءاً منه او مكان كان يتمنى ان يتواجد فيه، لعلنا نرسم احلامنا على اوراق بيضاء بلا مشاعر خذلان او حروف تنطق بحزن، هل تود ان تكتب الحكاية من جديد قبل ان تفقد ام اولادها وقبل ان يفقد طفلاً اباه وهل ستعود مجددا الى مكانٍ احداثه مؤلمة وتنشىء حواراً اخر غير الذي دار. كيف يمكننا استبدال شعور بآخر، حزن عميق بفرح كبير، واخفاق بنجاح يخفف ضيق صدور لم يُترك لها اي فسحة امل، افكارك التي نالت منك وفقدان ما كنت تمتلك، ايام تود ان تزورك واحلام هجرتك تتمنى لو كانت حقيقة، حكايات تتمنى لو انها كتبت بقلم رصاص لتُمحى من الذاكرة واشخاص تكتب قصصهم من جديد، ارواحٌ غادرت الحياة تتمنى ان تلتقي بها مجدداً او لربما تكتب سيناريو جديد يُعيدُهم الى دور البطولة.